أخر الاوراق
الفتة أم تووم
محمد أمين ابوالعواتك
مجلة مذاق خاص
لا ازال اتذكر عندما زار اولاد حاج الماحي" من الجيل الذي سبق الحالي مدينة الابيض منتصف سبعينيات القرن الماضي وكنا وقتها في المرحلة الابتدائية علي النظام الدراسي القديم المتميز .. واولاد حاج الماحي هم مدرسة عرفانية كبري في أمداح الحبيب المصطفي صلي الله وبارك عليه ووالديه واله لاتزال تشرع ابوابها ويتدفق فيضها العرفاني من اجيال هذا العارف المحب حاج الماحي عليه رضوان الله بطريقتهم التي تذوب القلوب وجدا ومحبة علي مر الايام والسنوات..والسفر في تلك الايام كان له طقوس قبل ثورة الاتصالات.. فالقادم من بلاد بعيدة يحتفي به كما ينبغي وكيف اذا كان في الجناب المحمدي العظيم، فلا ازال احتفظ بذكري تلك الليالي التي استمرت في اكثر من دار.. خيرة الجيرة والاحباب وجميل العشرة والصلات في تلك المدينة الحبيبة والتي استظليت بسماءها عددا من السنوات في معية الاسرة وترحال الوالد عليه الرحمة والمغفرة في خدمته المدنية في وزارة الصحة السودانية في حي" الربع التاني شرق" حيث ضمنا ذلك الحي الفة وطيبة مع اسر عريقة ال نور الهدي وأل دقق وال العاص وال محمد الحسن الخير وال احمد عبد السلام وشمعون وجادين وكنه والدقيل وكل الاسر الفاضلة الكريمة الذين بهم تناسينا غربة الاهل ومسقط الراس.
فالفتة هي الطبق الرئيس المحبب بجانب اطباق اخري في مثل هذه الليالي خاصة ليالي المدح النبوي الشريف فارتبطت به ليس في الابيض فحسب بل في جميع انحاء السودان الذي اتاح لنا ظروف عمل الوالد التنقل في معظم انحاءه.. بجانب الارز باللبن واللقيمات (الزلابيا)، والفتة في مكوناتها وجبة متكاملة لحالها تشمل الخبز والارز والمرق ويزين سطحها كمية معتبرة من اللحم الضاني المحمر (الشية) فبجانب قيمتها الغذائية المتكاملة فهي مشعبة بعد مجهود الذكر خاصة لبعض الطرق الصوفية التي يتكامل فيها الاداء مع الحركة ومنهم الاحمدية والبرهانية والسمانية والمكاشفية والقادرية وكل احباب الحبيب المصطفي من كل المشارب العرفانية، وكانت تمثل لنا نحن الصغار في ذلك الوقت ولاتزال حتي اليوم طبقا مفرحا مستدعيا للزكريات والمزاح البرئ ( الفتة ام توم حمتنا النوم) في اشارة الي تلك المتبلة ببهار التوم ، كما كان معلوما لدينا سعات البعض اشباعا وتناولا فتجد في كل منطقة لهم حكاوي وموروث طريف ، فنتحاشي الجلوس معهم في (صينية واحدة) رغم موروث الكرم و(الوصلات)، والفتة كذلك طبق احتفالي ممتد الي المناسبات الاخري في الافراح والاتراح لارتباطها بالاستهلاك الجمعي وكثرة العدد كما انها سهلة الخدمة والمناولة والطبق الجانبي لها هو السلطة التي قد تتعدد مابين السلطة الخضراء او سلطة الطماطم بزيت السمسم والتي تتسع مقدار اضافاتها البصل والفول السوداني المسحون، فلا يزال طبق الفتة هو الخيار المحبب رغم طوفان الحداثة وتغير اسلوب الحياة لارتباطه وجدانيا ببركة المناسبات السعيدة والاحتفالية اضافة الي انه غني المحتويات التي تمتد من مرق اللحم الضاني المتبل والخبز والارز واللحم فهو يشكل كوكتيلا مشبعا ومغذيا لاتحتاج بعده الا تحلية بسيطة او كباية من الشاي المزبوط.
قال لي استاذي ومعلمي تعريفا للبركة بانها (الزيادة في الشئ دون اضافة من الخارج) ..لذا فالانتباه في ذلك والسعي لمعرفة مطلوباته وابوابه امر جدير بالسعي حتي يرتبط الانسان بهذه النفحات التي تسهل له امر حياته ومعاشه فيها ، وما اعظم هدي إطعام الطعام مثل اللقمة في بطن انسان جائع حتي ولو بشق تمرة، فمنذ الصغر كان منظر الشباب وهم يخرجون الي الساحه يحملون مجموعة من الصواني بعد انتهاء الليالي لاكرام الضيوف منظرا محببا الا ان اخطر ذكرياتها كانت ما كان معروفا لدينا صغار السن وقتها (بالالغام) والذي هو مؤامرة اخفاء كمية معتبرة من الشطة الحارة في ما يليك من الطبق بطريقة (حريفة) للغاية دون ان تشعر بذلك الا بعد ان تتناول (اللقمة) فتجري دموعك قبل ارجلك بحثا عن الهواء والماء.
مجلة مذاق خاص
بانوراما 2020
الفتة أم تووم
محمد أمين ابوالعواتك
مجلة مذاق خاص
لا ازال اتذكر عندما زار اولاد حاج الماحي" من الجيل الذي سبق الحالي مدينة الابيض منتصف سبعينيات القرن الماضي وكنا وقتها في المرحلة الابتدائية علي النظام الدراسي القديم المتميز .. واولاد حاج الماحي هم مدرسة عرفانية كبري في أمداح الحبيب المصطفي صلي الله وبارك عليه ووالديه واله لاتزال تشرع ابوابها ويتدفق فيضها العرفاني من اجيال هذا العارف المحب حاج الماحي عليه رضوان الله بطريقتهم التي تذوب القلوب وجدا ومحبة علي مر الايام والسنوات..والسفر في تلك الايام كان له طقوس قبل ثورة الاتصالات.. فالقادم من بلاد بعيدة يحتفي به كما ينبغي وكيف اذا كان في الجناب المحمدي العظيم، فلا ازال احتفظ بذكري تلك الليالي التي استمرت في اكثر من دار.. خيرة الجيرة والاحباب وجميل العشرة والصلات في تلك المدينة الحبيبة والتي استظليت بسماءها عددا من السنوات في معية الاسرة وترحال الوالد عليه الرحمة والمغفرة في خدمته المدنية في وزارة الصحة السودانية في حي" الربع التاني شرق" حيث ضمنا ذلك الحي الفة وطيبة مع اسر عريقة ال نور الهدي وأل دقق وال العاص وال محمد الحسن الخير وال احمد عبد السلام وشمعون وجادين وكنه والدقيل وكل الاسر الفاضلة الكريمة الذين بهم تناسينا غربة الاهل ومسقط الراس.
فالفتة هي الطبق الرئيس المحبب بجانب اطباق اخري في مثل هذه الليالي خاصة ليالي المدح النبوي الشريف فارتبطت به ليس في الابيض فحسب بل في جميع انحاء السودان الذي اتاح لنا ظروف عمل الوالد التنقل في معظم انحاءه.. بجانب الارز باللبن واللقيمات (الزلابيا)، والفتة في مكوناتها وجبة متكاملة لحالها تشمل الخبز والارز والمرق ويزين سطحها كمية معتبرة من اللحم الضاني المحمر (الشية) فبجانب قيمتها الغذائية المتكاملة فهي مشعبة بعد مجهود الذكر خاصة لبعض الطرق الصوفية التي يتكامل فيها الاداء مع الحركة ومنهم الاحمدية والبرهانية والسمانية والمكاشفية والقادرية وكل احباب الحبيب المصطفي من كل المشارب العرفانية، وكانت تمثل لنا نحن الصغار في ذلك الوقت ولاتزال حتي اليوم طبقا مفرحا مستدعيا للزكريات والمزاح البرئ ( الفتة ام توم حمتنا النوم) في اشارة الي تلك المتبلة ببهار التوم ، كما كان معلوما لدينا سعات البعض اشباعا وتناولا فتجد في كل منطقة لهم حكاوي وموروث طريف ، فنتحاشي الجلوس معهم في (صينية واحدة) رغم موروث الكرم و(الوصلات)، والفتة كذلك طبق احتفالي ممتد الي المناسبات الاخري في الافراح والاتراح لارتباطها بالاستهلاك الجمعي وكثرة العدد كما انها سهلة الخدمة والمناولة والطبق الجانبي لها هو السلطة التي قد تتعدد مابين السلطة الخضراء او سلطة الطماطم بزيت السمسم والتي تتسع مقدار اضافاتها البصل والفول السوداني المسحون، فلا يزال طبق الفتة هو الخيار المحبب رغم طوفان الحداثة وتغير اسلوب الحياة لارتباطه وجدانيا ببركة المناسبات السعيدة والاحتفالية اضافة الي انه غني المحتويات التي تمتد من مرق اللحم الضاني المتبل والخبز والارز واللحم فهو يشكل كوكتيلا مشبعا ومغذيا لاتحتاج بعده الا تحلية بسيطة او كباية من الشاي المزبوط.
قال لي استاذي ومعلمي تعريفا للبركة بانها (الزيادة في الشئ دون اضافة من الخارج) ..لذا فالانتباه في ذلك والسعي لمعرفة مطلوباته وابوابه امر جدير بالسعي حتي يرتبط الانسان بهذه النفحات التي تسهل له امر حياته ومعاشه فيها ، وما اعظم هدي إطعام الطعام مثل اللقمة في بطن انسان جائع حتي ولو بشق تمرة، فمنذ الصغر كان منظر الشباب وهم يخرجون الي الساحه يحملون مجموعة من الصواني بعد انتهاء الليالي لاكرام الضيوف منظرا محببا الا ان اخطر ذكرياتها كانت ما كان معروفا لدينا صغار السن وقتها (بالالغام) والذي هو مؤامرة اخفاء كمية معتبرة من الشطة الحارة في ما يليك من الطبق بطريقة (حريفة) للغاية دون ان تشعر بذلك الا بعد ان تتناول (اللقمة) فتجري دموعك قبل ارجلك بحثا عن الهواء والماء.
مجلة مذاق خاص
بانوراما 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق